بشري في عيون الرحالة
وأنت تتصفح تاريخ نفزاوة تعترضك في احدى ثناياه تاريخ بشرى المدينة-القرية الممتدة في التاريخ امتدادها في جغرافية المكان على ضفاف شط الجريد الجنوبية الشرقية كانت بوابة ملحه يوم كان للملح وزنه وكانت احدى بوابات الصحراء واحدى بوابات المدنية عبر تاريخها الطويل .
عروس كانت هي وقبلة للزوار ذكرتها كتب التاريخ والرحالة القدامى كتب عنها اليعقوبي في "كتاب البلدان":"ومن مدائن قسطيلية الى مدائن نفزاوة ثلاث مراحل ،ونفزاوة عدة مدن :فالمدينة العظمى التي ينزلها العمال يقال لها بشرة ،وبها قوم من الافارقة العجم ومن البربر ،يحيط بالمدائن التي القبلة الرمال ."
ويذكر التيجاني في رحلته: "فأقمنا بطرة يوم حلولنا بها ويومين بعده وارتحلنا عنها يوم السبت الحادي والعشرين منه فحللنا بظاهر بشري وهي القاعدة الثانية من اقليم نفزاوة وبيتها وبين طرة اثنا عشر ميلا او نحوها اجتزنا فيها قرى كثيرة منها قرية تعرف بكليكل وقرية تعرف بياسك وقرية تعرف ببني يوسف وقرى سواها ودخلت الى بشري فرأيت قرية اضخم من جميع ما قبلها من قرى نفزاوة وبخارجها عين تعرف بعين تاورغا اعظم اتساعا من عين طرة واقوى ماء إلا ان فيها تلك حسنا ليس في هذه ،وبها سفرجل قل في جميع البقاع ما يناظره او يقرب منه طيب طعم وضخامة جرم وكثرة ماء وخلوص صفاء وليس يشبه الا السفرجل الموجود بتاجوراء من قرى طرابلس .....فأقمنا بها بقية شهر رمضان...فاصبحنا يوم عيد الفطر فغدونا الى المصلى ووصل خطيب البلد فصلى ثم اخذ في الخطبة فلم ار رجلا افصح منه ...وسالت عن الخطيب فقيل هو عبد الله محمد بن حيون من اهل نفزاوة."
كانت بشرى كما سواها من مدن الصحراء محطة للرحالة العابرين للصحراء تجارا قادمين من بلاد السودان او عابري شط الجريد نحو اومن بلاد الجريد فمثلت نقطة التقاء لهذه الطرق .
عرفت بشري تحولات في الموقع- الموضع من "عتلة الزعتورية " الى مكانها الحالي فكانت تعبيرا عن حركة دائمة عبر المجال مسايرة لكل محدث تركت وراءها اثر الحضارة .وكانت القرية –المدينة القديمة مثالا للمدينة العربية الاسلامية كان المسجد الجامع فيها المركز ومن حوله سكنت القبائل .
عرفت بشري تقلبات الزمن فتحولت عبر المكان نحتا للكيان في كل مرة لكن بصمات الطبيعة والمناخ كانت ولازالت على حالها.يذكر التيجاني في رحلته واصفا الطقس وفتها قائلا:"....ولما حللنا ببشري من خطرتنا الثانية اليه من جميع الجيش ان ان يقيموا خباء لمخدومنا ولانفسهم فلم يستطيعوا لقوة الريح فتفرق الناس ودخل اكثرهم الى البلدة...فبتنا تلك الليلة هنالكواصبحنا من الغد فاشتد عصف الريح حتى ايسنا الحياة ..."
بقي الانسان في هذا المكان عنوان التحدي والاصرار على البقاء فشيد عبر تاريخه عنوان مجده ولازال .